علي ناصر
القردعي مناضل وثائر وشاعر يمني وبطل لايشق له غبار.
ولد سنة 1885 في قرية( رحبة) بمراد محافظة مارب وهي موطن القرادعة.
والقرادعة من مراد من قبائل مذحج ومساكنهم في مشارق صنعاء بناحية مارب وحريب . ويعتبر علي ناصر القردعي الاخ الاكبر بين اخوانه احمد ومسعد ومحمد وقد ترعرع علي ناصر في كنف والده الشيخ ناصر مسعد عباد القردعي والذي كان حينذاك شيخ مشايخ مراد وكام موصوفا بالزهد والعداله والكرم والشجاعة.
واخر المعارك التي خاضها والد علي ناصر القردعي هي تلك الحرب التي قادها ضد قبائل البيضاء مسانده لحملات الامام العسكرية ولم تنجح الا الحملة الاخيرة التي اشتركت فيها مراد بقيادة ناصر مسعد عباد القردعي بعد ان طلب الامام يحى نجدته. ويدل على دور مراد الحاسم في اخضاع قبائل البيضاء لسلطة الامام واجبارهم ع تسليم رهائن الطاعة قول الحميقاني:
قال الحميقاني صلبي الراس مريخ راسي من حديدي
لوما المرادي ذي له القلاس ماجيت أرهن ليد سيدي
وبأضافة مراد الى القسم الذي قاده عبدالله الوزير ضد البيضاء من الجيش الامامي تكاثرت الجيوش المغيرة على تلك القبائل حتى اصبحت تقدر بسبعة وسبعين الف جندي مما يدل عليه هذا الزامل:-
يادرب ذي ناعم وياحيد السنا باتخبرش كم جاءت من القبلة زيود
سبعة وسبعين الف ذي عديت انا من عسكر الشامي توطي ياحيود
وكانت تلك اخر الحروب التي خاضها والد علي ناصر القردعي ويروي بعد ذلك انه اصيب بحمى شديدة اثناء عودته منها الى مراد وقد توفي نتيجة هذا المرض في احد مناطق البيضاء.
شبابه وتعليمة وزواجه:-
لقد كان علي ناصر القردعي طموحا في صباهولقد كان في بداية شبابه يتسم بالتسرع والطيش ولذلك فقد اختلف مرار مع ابيه، فبعد زواجه بالمراة الاولى حصل بينهم سوء تفاهم ادى الى حنق علي ناصر ورحيله الى منطقة (ماهلية)
وفيها مرض واهتان واصبح مثل اليتيم مما دعاه الى ارسال قصيده شديدة اللهجة يعرض فيها بابيه ويصفه فيها بما ليس به حنقا وثورة وغيضا منه لتركه هناك في ماهلية فيقول علي ناصر ناصر القردعي:-
باشكي عى الشيخ ذي ملحة ذكى للضيف والقبيلة سامج سكيك
انها حنيظة فلانا منكا ونها بوادي فانا منك وفيك
ان شي غلبني فجهدي له وكا والشف لو شفته أمسى لي اكيك
وبعد فترة لحق به والده مع مجموعة من رجال مراد وحكموه واسترضوه واعاده وقد كان والده يخشى طيشه ويخاف كثر مشاكله فكان يقول لاصحابه (( هذا بلاكم.. يامراد. ويقولون الذين عرفوا علي ناصر بانه كان يمتاز بقلة الكلام وانه كثير التفكير يحب القنص وقول الشعر ومن شعره المبكر :-
قال الفتى القردعي طل النكز والشرقية جات تعذبني بشاز
قانص لعصم القلايد ذي حوز بميزر افعالها فيها الجاز
والمحزم اتمشغلو فيه الخرز وجوبية قافطة وسط الجهاز
قردع علي قردع اغلا كل بز ولا انشدوا في القبل كل مجاز
اما بالنسبة للتعليمة فلم يحظى بنعمة التعليم شانه شان جيله ولكن قوة الارادة ورغبته في التعليم وشغفه به فقد استاجر علي ناصر مدرسا خاصا يعلمه القران والقراءة والكتابة فاسس بذلك المدرس مدرسة خاصة على حسابه الخاص بمنطقة الخليف سميت ( بالمعلامة) وتخرج منها عدة اجيال وكانت اول مدرسة في مراد خاصة ولواء مارب عامة.
وبعد موته الشيخ ناصر مسعد عباد القردعي شيخ مشايخ مراد نصب ابنه علي ناصر مكان ابيه .
فقد برز في المنطقة بشكل اعجاب الجميع واثارانتباه الامام في نفس الوقت وبدا الامام يحسب له الف حساب خصوصا بعد موقفه الرافض لنزول عساكر الامام الى الجوبة وحريب حيث كان يعتبرانه ليس من حق الامام ولاية هذه المناطق التي تقع تحت ولايته.
أتصال القردعي بالامام:-
لقد قام الامام يحى بتمثيليه اراد ان يبداء خلافه مع القردعي عندما اقدم على القبض على الجمالة من مراد وعددهم ستين رجلا مع جمالهم وذلك في منطقة جحانه بخولان وتم حبسهم الى ان مات بعضهم في السجن وطلب الامام نتيجة لذلك رهائن من مراد للافراج عنهك والزم كل شيخ برهينة من مراد للافراج عنهم وطلب من علي ناصر على وجه الخصوص.
ومن هذا الحادثة بداء علي ناصر يفكر في الانتقام من الامام ولكنه تذكر ان يد الامام في عنقه حيث الرهائن من مراد لايزالون اسرى لديه وفي سجونه ولذا فان ارتكابه اي عمل انتقامي ضد الامام سيؤدي الى قتلهم جميعا ولم يكن امام القردعي من وسيلة سوى الذهاب الى الامام وتقديم رهينة طاعة هو ابن اخيه مسعد وهنا يعرض الامام على علي ناصر مسألتين هما نزول الجيش الامامي الى الجوبة وحريب ومسألة تولية القردعي على حريب قفبل هذان العرضين وذلك للاسباب التالية:-
وجود رهائن مراد بمافيهم ابن اخيه في قبضة الامام
وجوده هوشخصيا لدى الامام فان رفض العرضين فقد يسجنه وينفذ مايريد
امكانية فقدان كلا العرضين اذا تهور الامام
وللاسباب هذه وافق علي ناصر ولكن بشرطين اشترطهما على الامام يحى
وهي :
اولا: ان لاينزل اي جيش في المنطقة
ثانيا: ان يستعيض الامام عن الجيش بتعيين مسؤلا للمال من قبله يعمل الى جانب علي ناصر القردعي وبهذا يتحقق للامام بلاجيش مد ولايته على المنطقة فتكون خاضعة له ماليا واداريا اذا اصبح الوالي معينا منه وكذلك مسوؤل المال لتصبح اموال المنطقة عائده اليه وهذا مطلب الامام وعين الامام مؤلا للمال في حريب ( محمد الكحلاني)واستمر العامل قرابة 4سنوات حدث خلالها عدة مشاكل ومن اهمها التي ادت الى عزل علي ناصر على حريب وغضب الامام عليه الاستيلاء على بيحان من المحميات الجنوبية فجهز حمله صغيرة وغزا بها قبيلة ال فجم واستولى على وادي (عين) ووادي (منوا) وجبال جعدر وجبال(شقير) مما اثار غضب الانجليز والامام معا وبعد هذا الحدث المهم ارسل الامام في قدوم علي ناصر ومأن وصل حتى تم ايداعه في السجن متهما اياه بالغدر والخيانه ونكث العهد والميثاق والخروج عن ارادة الحاكم وتم عزله من الولاية وتعين الكحلاني بدلا منه كما تم تعين الغيلاني عاملا للجوبة وفوق هذا كله ارسل الامام جيوشه الى حريب والجوبةوفي السجن التقى فيه بالشيخ علي عبد الرب صالح الحميقاني الذي تقدم والد علي ناصر عليه في البيضاء.
فكر القردعي في الخلاص ولكن كلام الذي سمعه منه شخصيا وبالحرف عندما قال له( لن تخرج ياقردعي الا الى خزيمة) وخزيمة مقبرة في صنعاء وهذا الكلام الصادر من الامام قد قيل بعد محاولة فرار القردعي . وبعدما تيقن علي ناصر من طول بقائه في السجن فقد كتب الى اصحابه (ان يقتلوا عامل حريب والجوبة وفكر كيف تدخلو لنا ادوات للسجن تساعدنا على الخروج) وهذه هي الرسالة التي وجهها الى مراد كافة والى اخوه احمد ناصر القردعي وبعد ايام من طلب الشيخ علي ناصر هذا حتى قام احمد ناصر القردعي يقود مجموعة كبيرة من مراد والقرادعة بالهجوم على حكومة الجوبة وقتل عاملها واخرين بجانبه .
وعندما علم علي ناصر بهذا الخير السعيد قال:-
يالله طلبناك يا والي وعلامها يامن خلقت الحيود السود واجسامها
خارجتنا من بلا السادات واحكامها ذي حبسونا ولا شي ذنب قدامها
وبعد قتل عامل الامام في الجوبة ارسل الامام الجيوش على مراد وهدموا بيوت القرادعة وحصونهم واخذوا من مراد 120 شيخا وعاقلا وحبسوهم في حكومة حريب وبعد هذا الذي جرى لازال علي ناصر ينتظر مطلبه الثاني من مراد وهو الادوات ولكن مراد والقرادعة على وجه الخصوص قد نكل بهم الامام وجيوشه فماكان من صديق ورفيق علي ناصر القردعي الشيخ علي عبد الرب صالح الحميقاني الا ارسال طلب القردعي الى اخوانه وتم ارسال المطلوب وهي تنكة سمن بها جنبيتين ومسدس ومبرد ارسلت مع شخص امين يسمى ( المدعي), ( وهو ابن الشيخ علي عبد الرب صالح الحميقاني) وقد ذكره الحميقاني في احد زوامله بعد خروجه من السجن حيث قال:-
حيا الله الليلة بشوف القردعي حلف الحميقاني كما عمك وابوك
جاء بالجنابي والفرود المدعي واطامرت لنمار من فوق الشبوك
وبعد وصول الهدية مع المدعي تم توزيع السمن على بقية المساجين واخذوا السلاح والمبرد وقد استطاع علي ناصر و علي عبد الرب الحميقاني ضرب احد الحراس في السجن واخذوا المفاتيح وهربا باتجاه السور الرشقي لباب اليمن وقفزا منه وتوجها الى منطقة حدة وظل البطلان مختبئين هناك لمدة ثلاثة ايام للتموية ثم توجها نحو خولان وبني ضبيان حتى وصلا الى بيحان عند ال العريف حيث يوجد احمد ناصر القردعي ومن معه الذين قاموا بعملية الجوبة وهربوا الى هناك وعند مشاهدة علي ناصر للجبال بيحان وتاكده من النجاة هو ورفيقة قال هذا الزامل:-
ياذا الجبال ذي بديتي ماشي على الشارد ملامة
قولي ليحى بن محمد بانلتقي يوم القيامة
وبعد الوصول الى (مرخه) عن ال العريف تم استقبال القردعي والحميقاني استقبالا لائقا واحتفى ال العريف وقيل هذا الزامل:-
قال العريفي ذي جيوشه مغدره ذي طارح الملباج في شق السريف
انها قدية شلها يا قردعي ون جات عوجا خلها لال العريف
وبعد تبين للامام يحى ان علي ناصر ورفيقة قد استقرا في مرخه وان القبائل قد تكلفت بحمايته واقسمت على عد التفريط به وانه مقابل ذلك ملتزم بعدم القيام باي حركة ضد الامام.
وبعد عدة غارات شنها الامام على مراد والقرادعة تدخل بعض وجوه القبائل عن الامام وفي مقدمتهم ابويابس وشديق والغادر والعرشي وعلي طالب القردعي ومحمد حسين الكبسي عامل مارب واسفرت تلك الوساطه عن صدور الامان لعلي ناصر وله وجه الامام وبعد هذه الوساطه غادر علي ناصر (مرخه) الى مارب واجتمع بمشائخ مراد ثم توجه مع مجموعه منهم الى صنعاء لمقابلة الامام وعند وصولهم الة مشارف صنعاء قال القردعي للاصحابه ( شوفوا اذا قال الامام بايحبسني باقتله وكل واحد ينتبه على نفسه ويقاتل)
وبعد وصول علي ناصر الى الامام قال هذا الزامل:-
يابو الحسن ياضاو في قطر اليمن جينا نزورك لامقامك واللواء
مولي الغلابة حن والمارود ون وانت السبب والعون والداء والدواء
واستقبلهم الامام بترحاب على عكس ما توقع علي ناصر وقال الامام لهم بانه يرغب في فتح صفحة جديدة وتاكيد لتلك الرغبة قرر الامام بمرتبات لعلي ناصر واصحابه واهدى الامام يحى علي ناصر بندقيه ابوتاج (جرمن) صنع الماني.
وقد كانت الحقيقة ان كل واحد منهم يضمر لصاحبه الشر والحقد وان هذه ليست علاقة جديدة من قبل الامام ولكن لعبة جديدة للقضاء على علي ناصر القردعي
كلنا سمع ان الشيخ علي ناصر القردعي قد شرم جزء من انفه وان له عين واحدة اما الاخرى فقد اصيبت عندما صارع نمر أعتدى على قطعان من الشياة وكان الشيخ علي ناصر يرعاها فما كان منه الا ان تصارع مع النمر بسلاحه الابيض( الجنبية) ودارت بينهم معركة حامية انتهت باصابة القردعي في انفه وفقده لاحدى عينيه وموت النمر على يده وهذه الواقعة معروفه ويتناقلها الرواة.
مما اصابه تشوه في وجه طول عمره الى ان مات سنة 1948.
ويقول علي ناصر القردعي واصفا شكله وفعله.
القردعي شندقي بندقي مثل سم الكبود
مطلقه مزقره لو معه عشاره
يارارضنا عاليه والسنود
خوفي عليش من علي تشافيش ناره
القردعي واغاثة الربيع
--------------------------------------------------------------------------------
الربيع : معناه في عرف القبائل اليمينة المؤاخاة التي تتم نتيجة لجوء فرد او قبيلة الى اخرى او شخص للشخص فيقول ( انا ربيعك) اي احتمي بك، ويكون غرض الرباعه استرداد حق او احتماء بقوة،والربيع لا يجوز رد استجارته اذا استجار ويعتبر في هذه الحاله ( مهجرا) اي ممنوع الا عتداء عليه او على حقه سوى من القبيلة التي لجاء اليها او من غيرها ويسمى في بعض مناطق اليمن ( القطير) وله حرمته.
وقصة الربيع مع القردعي هي ان هناك شخص بدعى ابن هيف قدم الى قبائل مراد وعلى وجه الخصوص الى بني سيف من مراد وطلب الربع منهم ولكنهم تلكأوا واعتذروا ولم يقبلوا رباعته خلافا لاعراف القبائل اليمنيه المشهورة مما جعل من هذا الشيخص ان يذهب الى الشيخ علي ناصر القردعي مستجيرا ومتربعا عنده فقبله القردعي واصبح له ماله وعليه ما عليه.
وفي احد الايام اقدم شخص على اخذ ناقة من ابل ابن هيف وطلبهم ابن هيف بالوفاء اي اعادة ما اخذوه لكنهم لم يوفوا فذهب الى الشيخ علي ناصر القردعي واخبره بما جرى فقال القردعي (( ابشر بالنقاء وسرح الناقة)) اي انه اعطاه ناقة بدلا عنها.
ثم قام بغزو بغزو الذين قاموا بنهب الناقة على ربيعة ابن هيف واخذ عليهم فرقة من اغنامهم واحتجزها حتى وصلو وأوفو بالنقيصة والنقاء.
ويقول القردعي في ذلك يلوم بني سيف من مراد ويروي هذه الحادثه:-
القردعي قال خبر بالنقاء يابن هيف
خبر في الجوف والحفا وجو الكديف
في ناقتك شل عرفا ما كسبنا القريف
واحنا عزمنا الخميس الطيب يانسل سيف
بانوخذ العبد والفرقة ولو هي لفيف
والسوق من خوفنا يمسي محرس وخيف
ماودي اغزي نهوج اصحابنا اهل النكيف
ون جيت اباروف والله ماعلى القلب ريف
كم جهدي اكافي الحدة قوافي وضيف
عذبني الجد ذي حمله يقط الضليف
معناني بعض المفردات:-
عرفا: اسم مشهور لنوق ال القردعي .
القريف: الهزيل من الابل.
خيف: خائف.
النكيف: المقدم الكبير اي رجال الحرب.
الحدة: المحادين من القبائل الا خرى
الضليف: الاضلاف وهي الاضلاع
منقوللللللللللللللللللللللل